%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D9%87%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%AA%D9%84 - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


الجولان المحتل ... قراءة في معضلات الواقع- 13-
المشهد الثقافي
سيطان الولي -02\10\2010
بدا الجولان العربي السوري المحتل , كمجتمع فلاحي الملامح , بعد الاحتلال . يعتمد سكانه على الزراعة والفلاحة , وجني المحاصيل التي تشكل في معظمها الرصيد الغذائي المخزون, لتوفير حاجة الناس الأساسية. يضاق إلى ذلك العمالة اليدوية وتربية المواشي , والاعتماد على مستوى محدود من الدخل للبقاء والصمود .
إلى جانب ذلك , لم يغب المشهد الثقافي عن تفكير الناس , وضرورة إن ينشأ لدينا في الجولان جيل وراء جيل يحمل راية العلم والثقافة والتطور العلمي . وانحصر التفكير حينها بضرورة وجود طبيب ومهندس وعدد من المعلمين يفون بغرض حاجة الناس البسيطة والضيقة , المحدودة باتساع زمني لا تزيد حدوده عن إطار الحلم والرغبة والقناعة , بأن الاحتلال زائل في وقت قريب .
كل شيء مؤجل ... البناء, استصلاح الأراضي , المعامل والورش , إقامة المؤسسات, الرياضة , تطوير القرى, التعليم العالي والتخصص الأكاديمي والمهني , وغيرها . كان كل شيء مرتبط بمؤسسات الاحتلال , ويأتي عن طريقها وبدعم منها مرفوض رفضاً قاطعا . موقفٌ ناشئٌ عن حرصنا , بالتمسك بثوابتنا , القائمة على إن أي تتطور في قرى الجولان يجب إن يتم بعد التحرير وبالارتباط بالوطن ومؤسساته,وليس بدولة الاحتلال ومؤسساتها .
كان الأفق ضبابي إلى درجة لم تتشكل فيه أي قناعة بان الاحتلال قد يطول إلى هذه المدة التي هي عليه فارتبط هذا الأفق بشعور الناس العميق بان العودة إلى الوطن قريبة , فلا حاجة إلى إن يتم تغيير الساكن والمألوف في نمط الحياة .
مهرجان الجولان للثقافة والفنون , هو نمط مغاير تماماً لما كان عليه التفكير في حينه, وهو نشاط غير وحيد بالطبع في حياة الناس عموما , والشريحة المثقفة على وجه الخصوص . انه تتويج نسبي للمشهد الثقافي المتطور بحالة تصاعدية دائمة الحركة , تحمل في داخلها تناقضات وتشابكات وصراعات داخلية شتى , لا يقتصر وجهها على الجانب الايجابي فقط , بل وجهها السلبي أيضا .استنادا إلى وعي الجيل الذي نشأ في ظل الاحتلال وإدراكه لضرورة إلا ننتظر حدوث وإحداث التطور في الجولان إلى ما بعد التحرير , ففي ذلك موت لطموحاتنا وثقافتنا وروابطنا الوطنية , في ظل احتكاكنا الدائم – بالضرورة – مع دولة الاحتلال ومؤسساتها وغاياتها . والمهرجان نتيجة موضوعية لمجموعة من التراكمات الحاصلة في وعينا وفي نشاطنا الآخذ في التطور جيلا بعد جيل . وهو إحدى الأشكال التي جسد فيها المثقفون صورة الفعل الذاتي والحركة الداخلية, التي تُعبر عن ذاتنا الثقافية والحضارية المتطورة , متأسسة على مكتسباتنا العلمية والأكاديمية , ومتجسدة في التعبير عن كل هذه الطاقات المتولدة عن تفتح الذهن والعقل , والرؤية البعيدة المدى لما سيكون عليه الجولان , إن بقي تحت الاحتلال لأجل غير مسمى , او إن تحرر في القريب العاجل . فالأمران سيان إن ارتبط مستقبله بالمشهد الثقافي الذي نطمح بان نكون عليه بكل الأحوال ,إن هذه الذهنية في العمل على التطور في ظل الاحتلال , لا تنفي التمسك بالثوابت الثقافية الوطنية, إنما هو تغيير في أسلوب تأصيل تلك الثوابت . وبات التطور الثقافي مرتبطا بعمق بروح التحدي والإصرار على تمتين الروابط الثقافية الوطنية , في مواجهة التحديات التي تضعها دولة الاحتلال أمامنا .
هذا المهرجان الذي يشمل العرض الكرنفالي , وعروض فنية متعددة من غناء ورسم ونحت , وعروض مسرحية , كلها وجوه مشرقة في حياتنا , تعبر عنهم وعن ثقافتنا وسيرورة تطورنا. إلا إن مهرجان الجولان للثقافة والفنون الذي تقيمه جمعية الجولان لتنمية القرى العربية في الجولان المحتل , في مجدل شمس , ليس الوحيد في المشهد الثقافي هذا , إنما سبقه قبل أيام معرض على الطريق أقامه مركز فاتح المدرس للثقافة والفنون , وقبله مهرجان النحت الثالث الذي دُعي إليه مجموعة من الفنانين الجولانيين ,نظمه ناشطون من عين قنيه . وقبله مهرجان الكرز الذي تتوج بمجموعة من المنحوتات الفنية لفنانين جولانيين سوريين وفنانين فلسطينيين , نظمته مؤسسة قاسيون الثقافية في بقعاثا ,ومن قبل , مهرجان النحت الثاني الذي نظمه المركز الثقافي في مسعده ... وسلسلة من النشاطات الثقافية والرياضية والطبية واللغوية والأكاديمية التي تقام على ارض الجولان المحتل في مختلف أنواع التخصص والاتجاهات. وهي تعكس مستوى التطور والوعي الذي بات عليه المشهد الثقافي في الجولان.